الصليب في الكنيسة 

تمهيد 

أول حديث عن إشارة الصليب في كتابات الآباء كان سنة ١٥٠م في قول العلامة ترتليان (١٦٠ – ٢٢٥م):

[في جميع أسفارنا وتحركاتنا، عندما ندخل وعندما نخرج، وعندما نلبس ملابسنا، وعندما نخلعها في الحمام وعلى المائدة، وعندما نشعل مصابيحنا، وعندما نطفئها لننام، في جلوسنا وفي كل أعمالنا نرشم أنفسنا بعلامة الصليب]. 

وكلمة ”رشممأخوذة أصلا من اللغة السريانية، وهي ترجمة دقيقة للكلمة اليونانية  (سفراجيس) وهو نفس نطقها في القبطية، وتعني “الختم، وهو أحد الأسماء القديمة للمعمودية. وهو ختم الإيمان الذي حل محل ختم الختان

معاني رشم الصليب 

يعد رشم إشارة الصليب من أبسط الطقوس الكنسية، ولكنه طقس يحمل كل معاني وروح الإيمان. فحين نرشم الصليب ننطق اسم الثالوث، لأن الإيمان يُختم باسم الآب والابن والروح القدس. 

– ففيه اعتراف بالثالوث القدوس الآب والابن والروح

– وفيه إقرار بوحدانية اللهالقدس

– وفيه تصديق بتجسد الابن الكلمة وحلوله في بطن العذراء.

– وفيه إيمان بقوة عمل الفداء الذي تم على الصليب، وانتقالنا من الشمال إلى اليمين ومن الظلمة إلى النور، ومن الموت إلى الحياة

فرشم الصليب ليس مجرد اعتراف بالإيمان، وإنما تقبلا سريا لفعله القوي في كل أمور حياتنا. فحين نرشم الصليب نخيف الشياطين، وتهرب من أمامنا قوات المعاند ليس بسبب حركة أيدينا فحسب، بل لأجل قوة الإيمان الذي لنا بعمل الصليب وفعله الحي فينا. فالصليب هو قوة الله ورشمه يعني حضور الله، وحيث الله فهناك أيضاً ملائكته المقتدرين قوة فيليق بنا إذا أن نرشم الصليب بحرارة الإيمان الساكن فينا. 

وعن قوة إشارة الصليب وكيف أنها تخيف الشياطين، يتحدث كتاب التقليد الرسولي لهيبوليتس (حولي سنة ٢١٥م) فيقول: ولتتنقى كل وقت وترشم جبهتك بمثال الصليب، ظفراً بإبليس وفخراً لأمانتك. فقد صنع موسى هذا بدم الخروف، الذي لطخ به عتبات وقوائم الأبواب، وشفى من كان ساكناً فيها. فكيف لا يكون بالحري دم المسيح مازال يطهر ويحفظ الذين يؤمنون به ويظهر خلاصاً لكل المسكونة – الذي كان موسى مثاله بدم الخروف الكامل الذي هو المسيح“ (۷:۲۹). 

علامة الصليب هي رمز الخلاص وفعله، وعلامة المحبة الباذلة ودواء الغضب والشهوة النجسة، وإبطال سلطان الخطية برحمة المصلوب عليه، والعلامة الملوكيّة التي تهرب وترتعب منها الشياطين

والبابا أثناسيوس الرسولي (۳۲۸ – ۳۷۳م) يقول: 

[الصليب هو قوة المسيح للخلاص والملائكة يخضعون لقوته ويتبعونه حيثما شاهدوا رسمه ليعينوا الملتجئ إليه. ولا تحصل تخلية لمن حمل الصليب إلا الذي ضعفت أمانته فيه]

ويقول مار أفرام السرياني (٣٠٦ – ٣٧٣م): 

[بدلاً من أن تحمل سلاحا أو شيئاً يحميك، احمل الصليب واطبع صورته على أعضائك وقلبك. وارسم به ذاتك، لا بتحريك اليد فقط، بل ليكن برسم الذهن والفكر أيضاً. فارسمه في كل مناسبة، في دخولك وخروجك، في جلوسك وقيامك، في نومك وفي عملك، ارسمه باسم الآب والابن والروح القدس] 

ويقول القديس أمبروسيوس (۳۳۹ – ۳۹۷م) اسقف میلان:

[لا تقوى الكنيسة أن تقوم دون الصليب، كما أن السفينة لا تقوم دون سارية] (ميمر ٥٦). 

الكنيسة تعبر بحر هذا العالم وتتصادم بأمواجه ولكنها لا تتحطم لأنها تحمل رباناً ماهراً هو المسيح، وترفع في وسطها علامة النصرة فوق الموت التي هي صليب ربنا

ومن عظة طويلة بديعة يختتم بها مؤلف قوانين هيبوليتس قوانينه نقتطع العبارة التالية: “إذا أراد المسيحي أن يكون في رتبة ملكية … يحتمل كل الآلام التي تأتيه من أجل الله. ويحمل صليبه، ويتبع المخلص. ويكون مستعداً للموت في كل وقت عن الأمانة لأجل المسيح” (۹:۳۸). 

ويقول القديس يوحنا ذهبي الفم (٣٤٧ – ٤٠٧م) 

[العدو بالنسبة للأبرار، لا يقدر أن يفعل شيئا إلا أن يخيف (فقط)] . 

ومن قول بديع للقس سمعان بن كليل (القرن الثاني عشر): “إن رشم علامة الصليب هو قوة المعمودية الخفية، والذخيرة الكامنة فيك التي تمد يدك إليها لكي تنال معونة السر الكامن فيك … وفي كل مرة ترشم ذاتك إنما تمسك بالمسحة الإلهيَّة التي وضعت عليك وقدَّستك. ويكون أمرك أن تتكلم بكلام الله الصالح كرائحة بخور صادرة من جوفك. وأن تتصرف كما تتصرف وأنت واقف أمام المذبح لأنك بيعة الله الحي وهيكله المقدَّس”

فبدون الصليب لا تكرس الكنائس والمذابح والأيقونات، ولا تكتمل الأسرار، أو أي خدمة كنسيَّة . فبه يتحول الخبز والخمر على المذبح برشومات متواترة مع صلوات إلى جسد الرب ودمه الأقدسين

مراحل تطور طقس رشم الصليب 

مر رشم الصليب بعدة مراحل فكان رشمه في البداية يتم على الجبهة فقط سواء بإبهام اليد اليمني أو بأصابع اليد، إما مرة واحدة أو ثلاث مرات. وهو ما يذكره التقليد الرسولي، والعلامة أوريجانوس المصري، والعلامة ديديموس الضرير، والقديس يوحنا ذهبي الفم، والقديس كيرلس الأورشليمي، والقديس باسيليوس الكبير

فيقول كتاب التقليد الرسولي (حوالي سنة ٢١٥م): “وعندما تجرب ارشم جبهتك بمخافة دائما بعلامة الصليب، لأنها العلامة الظاهرة والمعروفة ضد إبليس إذا صنعتها بإيمان لا لكى تنظر من الناس، بل بعلمك تضعها مقابلك مثل سلاح هذا إذا رشمنا به جباهنا بيدنا، فإننا ننجو من الذي يريد إهلاكنا” (فصل ١:٣٧٤)

وهو نفس ما تذكره قوانين الرسل القبطية (القانون ٤٧:١). 

ويقول العلامة أوريجانوس (١٨٥ ٢٥٤م): 

[ إنها العلامة التي يصنعها المسيحيون على جباههم سواء قبل الصلاة أو قبل قراءة الأسفار المقدسة]

وذكر العلامة ديديموس الضرير (۳۱۳ ۳۹۸م) أن رشم علامة الصليب على الجبهة هو من ضمن المراسيم التي تسبق المعمودية. 

ويشير القديس كيرلس الأورشليمي (٣١٥ – ٣٨٦م) في تعليمه للموعوظين لذلك الأمر فيقول: 

[… لا نخز إذا أن نعترف بالمسيح مصلوبا. بل ليت إشارة الصليب تكون ختما نصنعه بشجاعة بأصابعنا على جبهتنا، وعلى كل شئ على الخبز وعلى كأس الشرب. في مجيئنا وذهابنا، قبل نومنا وعند يقظتنا، وفي الطريق وفي البيت. لا تحتقروا الختم من أجل مجانية العطية، بل بالحري كرموا صاحب الفضل]. 

وهو ما يؤكده القديس باسيليوس الكبير (۳۳۰ – ۳۷۹م) قائلا:

[تعلمنا من التقليد أن نرسم الصليب على جبهتنا وعلى سائر الأمكنة]

وهكذا يتضح أمامنا أن رشم علامة الصليب كان باليد على الجبهة فقط. ولكن يبدو أن رسم الصليب كما نرسمه اليوم على الجبهة ثم القلب، ثم الكتفين هو تقليد قديم للغاية، ذلك لأن ما يذكره القدّيس أمبروسيوس (۳۳۹ – ۳۹۷م) ربما يشير إلى ذلك، فيقول

[نرسم الصليب على جبهتنا ، ثم على قلبنا نرسمه على جبهتنا حتى نعترف علنا بالمسيح، وعلى قلبنا حتى نظل نحبه، ونرسمه على ذراعنا حتى يكون عملنا له]

واستقر رسم الصليب على الجبهة فالقلب فالكتف الشمال ثم اليمين منذ القرن السادس تقريباً. ومن أبدع الشروحات في رشم علامة الصليب بهذا الشكل هو ما يذكره القس سمعان بن كليل في القرن الثاني عشر فيقول

“كل من يضع يده على جبهته إنما يلمس أول موضع رشم به بدهن الموعوظين، وهو بذاته الذي رشم عليه بدهن السماويين أي مسحة الميرون. والرأس هو الذي ينحدر من الآب ولذلك يحمل ختم البنوة والذي منه كل الأبناء وإذا نقل يده اليمنى إلى أسفل يقول والابن معترفا بأنه نزل إلى مياه المعمودية، وصلب مع ربنا له المجد . ثم يضع يده على كتفه الشمال معترفا بأنه جحد الشيطان وكل قواته المرذولة وفك العهد القديم معه بعدم السلوك في خطايا الأمم. ثم ينقل يده إلى الكتف الأيمن عندما يقول الروح القدس لأنه واقف منذ لحظة خروجه من جرن المعمودية عن يمين الآب، بل هو جالس مع الرب عن يمين الآب كقول المزمور الرب» عن يميني ولذلك لا أتقلقل»، وكقول بولس “أجلسنا معه في المواضع السماويةأي البيعة المقدَّسة“

ثم يضيف بقوله: 

“وبعض المؤمنين في الصعيد يرشمون ذواتهم بعلامة الصليب بالإبهام، والبعض بالسبابة، وفي مصر بالإبهام والسبابة والوسطى وفي الإسكندرية يرشمون بكل أصابع اليد وليس لدينا تسليم خاص بهذا الأمر، ولا يصعب على الذين يؤمنون أن يدركوا أن قوة رشم الصليب ليست بعدد أصابع اليد ولا تعمل بكثرتها أو قلتها، وإنما بالنية الداخلية وبقوة الروح القدس التي تحرك النفس إلى النقاوة بسبب موت وقيامة ربنا التي وهبت لنا في المعمودية”. 

“فكيف ترشم إذا ذاتك بعجلة بلا اهتمام وتتهاون وتنسى الحميم، ويضيع عليك ثمار قوتك وقيامتك مع المسيح في المعمودية المقدسة”

وإذا جئنا إلى القرن الرابع عشر نجد أن العالم الطقسي ابن كبر (+ ١٣٢٤م) يورد فصلا عن رشم الصليب بأصبع واحد يقول فيه: “أما الصليب بأصبع واحد فقد ورد في التوراة، أن الله تعالى أمر موسى عبده وبنيه أن ينضح بأصبعه من دم الذبائح التي يُصعدها الشعب قربانا على قبة الزمان وأواني الخدمة وعلى الشعب تطهيرا لهم، ولم يقل له أن ينضح بأصبعيه. 

ثم أن سيدنا له المجد قال مخاطبا اليهود على ما شهد به إنجيل لوقا فإن كنت أنا أخرج الشياطين بأصبع الله فقد اقترب منكم ملكوت الله. ولم يقل بأصبعي الله. ويشير به إلى توحيد ذات الباري وتثليث أقانيم وإلى الطبيعة الواحدة التي صارت بالاتحاد خلافا لرأي القائلين بالطبيعتين

وابتدأنا من اليسار إلى اليمين، أي أنه باعتمادنا بالثالوث المقدس الموحد، انتقلنا من حزب اليسار إلى حزب اليمين. وقد ذكر مثل ذلك القديس كيرلس معلم البيعة بقوله في قداسه من مشارق الشمس إلى مغاربها، ومن الشمال إلى اليمين، ولم يقل من اليمين إلى الشمال. 

وعلى الجملة، فإن قبط مصر وأهل الخمس مدن والنوبة والحبش …. لم يصلّبوا ويرشموا إلا بأصبع واحدة، ونحن على هذه العادة جارون، وعلى هذه القاعدة مستمرون”

ونختم هذا الجزء بالتنويه إلى أن ”دق“ إشارة الصليب التي يرسمها القبطي على معصم يده اليمنى كعلامة لا تمحى – هي رد فعل تمسكه بالصليب حتى الموت إزاء الاضطهاد الذي كان يلاقيه في زمن الملك المنصور بن قلاوون الذي تولى الملك سنة ١٢٧٩م، وهو من عصر المماليك البحرية ( ۱۲٥۰ – ۱۳۸۲م) . فيذكر التاريخ أنه كان ملكا قاسياً جداً خالياً من الرحمة، ضيَّق على النصارى وأذاقهم أنواعاً من الذل والهوان. وظل هذا العسف مستمراً حتى عصر خلفه صلاح الدين خليل الملقب بالأشرف، والذي بدأ باضطهاد الأقباط اضطهاداً شديداً، ولكنهم ثبتوا أمامه ثباتاً مدهشاً. ولكي يعلنوا أن الاضطهاد لا يقوى على زعزعة إيمانهم صاروا يرسمون إشارة الصليب المقدس على أيديهم. ومن ذلك الحين صارت هذه العادة مرعية حتى الآن

الصليب في أسرار الكنيسة 

العلاقة بين الصليب وبين الأسرار الكنسية، هي العلاقة بين العين والضوء، فلا العين ترى بغير الضوء، ولا الضوء يُرى بغير العين

في سري المعمودية والميرون 

فبحسب القديس يوحنا ذهبي الفم، فلا تدعى المعمودية صليبا فقط، بل والصليب أيضاً يُدعى معمودية. 

ويعتبر القديس أغسطينوس أن الصليب الذي يسبق المعمودية والذي يتقبله الموعوظون برشمهم به هو أشبه بالحمل بهم في أحشاء الكنيسة، فيقول لهم: [إنكم لم تولدوا بعد بالعماد المقدس، لكنكم بعلامة الصليب قد حملتم في أحشاء أمكم الكنيسة ]

في الطقس القبطي يُمسح الموعوظ قبل جحد الشيطان بالزيت الساذج، وهو المسح الذي لم يكن في المراسيم القديمة سوى الرشم بالصليب بالإبهام. ثم يُرشم بعلامة الصليب على الجبهة والأذنين والأنف باستخدام زيت الاستحلاف L’huile d’exorcisme بعد جحد الشيطان. 

وفي الطقس البيزنطي تبدأ طقوس جحد الشيطان بثلاث نفخات في الوجه، وثلاثة رشومات على الموعوظ الحافي القدمين، والعاري الرأس. أما في طقس السريان والموارنة، فيصير النفخ في الوجه ويعقبه ثلاثة رشومات على الجبهة والأنف والصدر والأذنين دون مسحة الزيت التي يضيفها الأقباط قبل الجحد ولم يحتفظ الطقس الكلداني بأي أثر لرتبة الموعوظين، ولكننا نعرف من أقدم الوثائق أنه كان يحتوي في القديم على وضع الأيدي والرشومات

وفي الطقس القبطي يأخذ الكاهن الزيت المقدَّس (الغاليلاون) ويدهن به الذي يعتمد في قلبه، وذراعيه، وقدام قلبه إلى خلف، ووسط يديه، بعلامة الصليب. 

وفي كل الطقوس، كما عند الأقباط والسريان والأحباش واليونان وقبل قداس الماء الذي يسبق التعميد ، ينفخ الكاهن في الماء ثلاث مرات على شكل صليب

وفي الطقس القبطي أيضاً

يرسم الكاهن الماء بالصليب ثلاث مرات ورشم الماء بالصليب يعني ختمه بالخاتم الملكي. 

يكون سكب الزيت العادي وزيت الغاليلاون وزيت الميرون في ماء المعمودية ثلاث مرات بمثال الصليب لكل من هذه الأنواع الثلاثة من الزيوت. 

– يتم رشم ماء المعمودية بالصليب ست مرات ثلاث منها قبل قداس المعمودية، والثلاثة الباقية أثناءه. 

– يدهن المعمد ٣٦ رشماً في سائر أعضاء جسمه بعد العماد. – بعد انتهاء التعميد يصب الكاهن في المعمودية ماءً فارغاً (عاديا) مثال الصليب ليعود الماء إلى طبعه الأول

في سر الإفخارستيا 

يرشم الكاهن الخبز والخمر ثمانية عشر رشما بالصليب ليتحولا إلى جسد ودم المسيح بخلاف ثمانية عشر رشماً أخرى على نفسه وعلى الشعب أثناء القداس الإلهي ليتأهل الجميع لقبول السر المقدس. ثم ستة رشومات بالصليب قرب نهاية القداس بالجسد على الدم وبالدم على الجسد

في سر الاعتراف 

يتوسط الصليب بين الكاهن والمعترف حينما يضع الكاهن الصليب على رأس المعترف ليصلي التحليل، فيصير غفران الخطايا وقبول التطهير بفعل دم المسيح بالصليب بصلاة الكاهن. 

في سر مسحة المرضى 

يتم تقديس الزيت برشومات عديدة عليه أثناء السبع صلوات التي تصلى عند ممارسة السر، وكذلك على المريض أيضا ليتهيا لقبول الشفاء. وفي النهاية يصلي الكاهن التحليل للمريض بالصليب. 

وفي هذا الصدد يقول القديس كيرلس الأورشليمي

[الصليب إلى هذا اليوم يشفي المرضى، ويطرد الشياطين، ويبدد الشعوزة، ويلغي أثر عقاقير السحر والتعويذ]

الصليب في الكنيسة 

والقديس أثناسيوس الرسولي في عظة له عن تجسد الكلمة يقول:

[بعلامة الصليب يشفي كل سحر، وكل عرافة تفقد قوتها. وكل شهوة باطلة تنصد]. 

في سر الكهنوت 

رسامة الكاهن يرشم الأسقف بالصليب على جبهة المتقدّم لدرجة القسيسية ويقول : ندعوك يا فلان قسيسا (أو قمصا) للمذبح المقدس ….. ثم يعمل ثلاثة صلبان على جبهته باسم الثالوث. 

وفي رسامة الأسقف يضع الأب البطريرك يده على رأس المكرز، ويضع الأساقفة أيديهم على كتفيه (لأنهم مساوون له في الرتبة)، وبعد صلاة وطلبة إلى الرب يرشم الأب البطريرك رأس المكرز بإبهامه ثلاث مرات، ثم يرشم الصليب قائلاً: فلان أسقفا في بيعة الله المقدسة التي للمدينة المحبة للمسيح …”

ولاحظ هنا أن لحظة النطق بالاسم الجديد للمتقدم للرتبة الكهنوتية تكون ملازمة ومصاحبة للرشم بالصليب فالعلاقة بين سلطان الكهنوت وقوة الصليب غاية في الارتباط، فبدون الصليب لا يمكن للكاهن أن يتمم شيئاً من واجبات خدمته المقدَّسة. 

في سر الزيجة 

يرشم الكاهن العروسين بالزيت المقدس بعلامة الصليب، وهو طقس تنفرد به الكنيسة القبطية. ثم بعد وضع الأكاليل على رأسيهما، يضمهما إلى بعضهما ويرشم بالصليب طالباً إلى الرب أن يجعل منهما جسداً واحداً باتحاد سري. وهو رمز اتحاد المسيح بالكنيسة. وكان الرباط في كلا الحالين هو بالصليب

ألقاب الصليب في صلوات وتسابيح الكنيسة القبطية 

الخشبة المقدسة غير المائتة . خشبة عدم الموت. مقيم الأموات. الصليب المحيي معطي الحياة لكل أحد . واهب الحياة. شجرة الحياة التي دل عليها رئيس الآباء الروح المحيي في قلب كل المؤمنين. الشجرة التي في الفردوس التي أغصانها العطرية تحيي كل أحد. 

– الخشبة الغافرة الخطايا. خلاص العالم . ميناء الخلاص رجاء الخلاص. علامة الخلاص التي لبسها مخلصنا الرسم المخلص للذين يرسمون بعلامته. 

فرح وتهليل الأرثوذكسيين. ناصر المسيحيين. فرح المسيحيين. عزاء المؤمنين. ثبات الشهداء. فخر المؤمنين. إكليل فخر القديسين. رجاؤنا . ثباتنا في شدائدنا وضو انقنا طهارتنا. 

– السلاح الذي أعطيناه نحن النصارى السلاح القوي الذي الله الآب. سلاح الغلبة سيف الروح. علامة الظفر. رسم الإيمان الذي أعطي للكنيسة العلامة المقدسة التي تطرد الأرواح الشريرة

– المركبة المضيئة التي ركب عليها رب المجد. عرش الملك. الرسم الذي يحمل في يدي العلي مثل تاج مزخرف. العود الذي صلب عليه الرب إذ بسط يديه وجذب إليه كل أحد المنارة الذهب المصفى التي أوقد عليها المصباح الذي هو عمانوئيل قضيب شجرة اللوز التي قطر دم الحمل عليه الإناء المختار الذي رفع عليه مخلصنا

– ينبوع النعم كنز الخيرات. النور المشرق. قضيب الملائكة. القضيب الكريم الذي غلب به موسى السحرة الذي صار مرشدا لجنس آدم إلى الفردوس

وبالإجماع الصليب هو رأس كل الأسرار والاعتقادات والطقوسوهو سر مجد الكنيسة. 

أما الحديث عن الصليب من الوجهتين التاريخية والطقسية، فتجده ضمن السلسلة الرابعة من الدُرَّة ،الطقسيَّة، وهي عن طقوس أصوام وأعياد الكنيسة، وذلك عند حديثنا عن “عيد الصليب“

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى