الموسيقي الآشورية هي موسيقى دينيَّة، وقلما نعرف شيئاً عن الموسيقى القومية لأهل البلاد، أو قلما نجدها ضمن ألحان خاصة ببعض قصائد قوميَّة أو أناشيد ترفيهيّة أو قصص تاريخية باللهجة الآرامية الفصحي أو الدارجة.
والموسيقي الآشورية كغيرها من الموسيقى الشرقية، غير مقيدة بأساليب النوتة الموسيقية وتعابيرها وأوزانها ولقد نشأت الألحان الآشورية منذ نشأة الكنيسة بدون نوتة موسيقية.
واللحن الآشوري هو من أقدم الألحان الكنسيَّة، وأسوة ببقيَّة سلالم الألحان الشرقيَّة، فهو يتضمَّن أكثر من عشرة أنغام من أشهر الأنغام الشَّرقيّة. وأكثرها موجود في السلم الصغير، وهو أغنى بكثير من السلم الصَّغير الغربي من حيث أبعاده. وهذا يجعل الألحان الآشورية شجية الإنشاد، غنيّة الإبداع، وتحمل في هزاتها في الأعياد السَّيديَّة كثيراً من البهجة والحبور، كما أن ألحان الصوم تبعث على الخشوع والتّوبة.
ويرى أحد أساتذة الموسيقي في جامعة السوربون بباريس؛ أن اللحن الغريغوري في الكنيسة الغربية والذي نشأ في القرن السابع الميلادي متأثر باللحن الآشوري القديم.
والألحان الآشورية أخذت طابعها الخاص منذ زمن القديس مار أفرام السرياني سنة ۳۷۳م والملقب بقيثارة الرُّوح القدس، وهو من أوائل مـــــن ألفوا الألحان في الكنيسة السريانية. ويذكر المؤرخون القدامي والمحدثون أن توما الرَّهاوي في القرن السادس عشر كان ملحناً شهيراً، وله رسائل عن الموسيقى الكنسية والألحان الطقسية الآشورية.
وانتقلت الألحان الآشورية من جيل إلى جيل شفاهاً حتى وصلت إلينا. ولم يطرأ عليها في الشرق الأوسط سوى تغير جزئي فقط بسبب عدم تقيد الألحان بالنوتة الموسيقية. أما كنيسة المالابار في الهند فقد تأثرت ألحانهم تأثراً كبيراً بسبب التغيرات الطقسيّة التي طرأت عليهم في القرن السادس عشر على إثر مجمع ديامبر.
وفي القرن العشرين وُضعت الألحان الآشورية على النوتة الموسيقية. وكان المستشرق جانان، والدكتور هوزمان هما من جملة مـ مـــن دونــــوا الألحان الآشورية على النوتة الموسيقية. والغاية من ذلك فنيَّة علميَّة أكثر منها استعماليَّة، إذ أن الألحان في القداس وفي صلوات الفرض تُرتّل غير مقيَّدة بالوزن على النوتة الموسيقية.
ولا تستخدم الكنيسة الآشورية من الآلات الموسيقية سوى الصنج والأجراس. فالصُّنوج لا تزال مستخدمة كآلة إيقاع أثناء الترتيل. أما الأجراس فهي قلما تُستعمل الآن في بعض الإيبارشيات. وكانت عبارة عن مجموعة مؤلفة من عشرة أجراس صغيرة معلّقة على عكاز أو أكثريهزها أحد الشمامسة مرافقاً إيقاع الألحان مع الصنوج.
ولم يدخل الأرغن في استعمال الكنيسة الكلدانية إلا بدءًا مـن الخمسينيات من القرن العشرين، محاذية بذلك حذو الكنائس الغربية التي أصبحت لديها هذه الآلة الموسيقيَّة ضرورة كضرورة النوتة الموسيقية لتدوين الألحان.