إيمان كنيسة المشرق الآشورية 

تعترف هذه الكنيسة بقوانين وتعاليم مجمعي نيقية المسكوني سنة ،325م، والقسطنطينية المسكوني سنة 381م، إلى جانب قوانين مجمع خلقيدونية. ولكن كان لعلماء اللاهوت في كنيسة المشرق رأياً في مجمع خلقيدونية أبرزه ما ذكره إيشوعياب الثاني (628-646م) حينما قال: “مع أن أولئك الذين اجتمعوا في مجمع خلقيدونية كانوا متسربلين بنية استرداد الإيمان، فقد انزلقوا مع ذلك بعيداً عن الإيمان الحق، بسبب اصطلاحاتهم الضعيفة في التَّعبير، الملتفة بمعان غامضة، فقد شكلوا حجـــر عثرة للعديدين”.

وفي مجمع مار آقاق الذي عُقد سنة 486م أقرت الكنيسة الآشورية 

الاعتراف بطبيعتين في السيد المسيح، الطبيعة الإلهية، والطبيعة البشرية، مع عدم الخلط أو المزج أو التشويش أو التمايز بين هاتين الطبيعتين.

وفي عهد مار باباي (569 – 628م) رئيس دير جبل إيزالا الواقع شمال شرق نصيبين تلخصت عقيدة النَّساطرة فيما يختص بشخص السيّد المسيح فيما يلي: 

“إن المسيح هو ابن الله الواحد المعبود من الجميع في طبيعته، فهو في طبيعته الإلهية مولود من الآب قبل كل الدُّهور، منذ الأزل، وهو في طبيعته الإنسانية مولود من مريم العذراء في ملء الزَّمان في جسد متحد، وليس لاهوته من طبيعة ،مريم، ولا ناسوته من طبيعة الآب والطبيعتان في الأقنوم الواحد، في شخص واحد وبنوة واحدة”. 

وفي سنة 1994م أعلنت الكنيسة الآشورية إيمانها فيما يختص بالسيد المسيح، تحت الصيغة التالية : “نؤمن بأن ربَّنا ومخلصنا، يسوع المسيح، هو الإله الابن المتجسّد تام في لاهوته وتام في ناسوته. لم ينفصل لاهوته عن ناسوته لحظة واحدة، ولا لطرفة عين. ونؤمن أن ناسوته واحد مع لاهوته بغير اختلاط أو امتزاج أو انقسام أو انفصال …. “

ولا تطلق كنيسة المشرق الآشوريَّة على العذراء لقب ” والدة الإله –  Theotokos ، أي “يالدات إلاها” إنما يلقبونها فقط بـ المسيح – Christotokos “، أي “يالدات بشيكاه“. وهذه العقيدة التي انفردت بها هذه الكنيسة دون كنائس المسكونة تبلورت في مجمع مار صابريشو الذي عُقد لديهم سنة 596م والذي ورد فيه: “… نؤمن بشدة بحسب الكلمة وكتابات وتقاليد آبائنا القدِّيسين، برب واحد يسوع المسيح، المولود الوحيد، ابن الله، الذي ولد قبل إنشاء العالم بذاته الإلهية، روحيا دون أم، وفي آخر الزمان ولد من مريم العذراء القديسة بطريقة جسدية دون معرفة رجل بقدرة الرُّوح القدس …”

وفي مجمع عُقد لديهم سنة 612م جاء جانب من نص إيمان الكنيسة في قرارات المجمع كالآتي: “… نحن نؤمن في قلوبنا، ونعترف بشفاهنا برب واحد يسوع المسيح ابن الله … هو الله الكامل، والإنسان الكامل . الذي وُلد في ذاته الإلهيّة من أبيه بشكل أبدي، قد وُلد في آخر الزمان من أجلنا من العذراء القديسة في ناسوته…” 

كان نسطور أسقف القسطنطينيَّة (428 – 431م) يؤمن بأن العذراء القديسة قد ولدت الإنسان يسوع المسيح، وأن اللاهوت حل في المسيح بعد ولادته، لذلك لا تُدعى العذراء ” والدة الإله“. ويرغم ذلك فقد ظلت هذه الكنيسة تكرّم العذراء في صلواتها وتسابيحها كأم المسيح ابن الله . فالعذراء في الكنيسة النَّسطورية دائمة البتولية، وبواسطتها كان الخلاص، وهي شفيعة البشر لدى ابنها وقد خصَّتها الكنيسة النَّسطورية بأعياد مميّزة منذ أقدم العصور، كعيد تهيئة العذراء بميلاد السيّد المسيح وعيد الانتقال، إلى جانب عيد خاص في الخامس عشر من أيار (مايو) وهو عيد العذراء حافظة الزروع. 

إن الحوار غير الرسمي مع الكنيسة الآشوريَّة، والذي دار في فينا سنة 1994م، وبعد أن أُلقيت فيه مباحث كثيرة ومطولة، لاسيما عن نسطور خلص الباحثون من الكاثوليك إلى القول: “لا نغفل ضعف تفسير نسطور لوحدة شخص المسيح”. وأيضاً: “يعاني فكر نسطور مـــــن قصور حاد. وإنه من الغريب حقاً ألا يظهر اسم نسطور مرة واحدة في مجامع القرنين الخامس والسادس للميلاد. ولم يرد اسمه أبداً كحجة تتبع في قضايا مسيحيّة في نفس الكنيسة النَّسطورية. 

وجدير بالذكر أن نشير – بعد كل ما ذكرناه – إلى أن المجمع المقدَّس للكنيسة القبطية الأرثوذكسيَّة في جلسته في 1996/6/1م قــد أصدر البيان التالي: اتضح بعد بحث ما جرى في الحوار السرياني في فيينا في يونيو 1994م وفبراير1996م أن الآشوريين هم نساطرة يقدسون نسطور مع ديودور الطرسوسي وثيؤدور الموبسويستي، ويخطئون القديس كيرلس، وذلك بالرغم من الحوار الذي أجرته معهم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وبعد أن تظاهرت الكنيسة الآشورية بالموافقة على الإيمان السليم. وهناك اتفاقيات تمت بينهم وبين الكاثوليك. ونحن مصممون على موقفنا برفض دخولهم كأعضاء في مجلس كنائس الشرق الأوسط، إلى أن يعترفوا بعقيدة وقرارات المجمع المسكوني الثالث في أفسس“. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top