ليتك كأخ لي

«ليتك كأخ لي الراضع ثديي أمي فأجدك في الخارج وأقبلك ولا يُخزونني»(نش 8: 1

بالطبع العروس لا تقدر أن تُقبّل حبيبها في الشارع، ولو هي تجرأت وفعلت ذلك فإن كل الذين في الشارع يُخزونها؛ لذلك هي تتمنى لو أن حبيبها كان أخا لها، راضعًا من ثدي أمها، فلا يكون عليها حرج أو ملامة من تقبيله علنًا. هذا هو المعنى الطبيعي لهذه الآية. 

أما المعنى الروحي لآيتنا فنُدركه إذا علمنا أن نشيد الأنشاد مكتوب أصلاً ليصف العلاقة الزوجية بين شعب إسرائيل والله هذه العلاقة التي قال الرب بخصوصها «وأخطبك لنفسي إلى الأبد» (هو 2: 19). 

هناك مواضع كثيرة تتكلم عن هذه العلاقة في أسفار هوشع وإشعياء وسائر الأنبياء، تصف علاقة الرب بإسرائيل وكأنها علاقة عريس بعروسه. 

«ليتك كأخ لي» 

هنا إسرائيل تتمني – أو بمعنى أوسع البشرية كلها تشتاق – أن يكون الرب في صلة قرابة معها بحيث أنها تستطيع أن تقترب منه وتُقبّله وتتحد به ولا يكون في ذلك ملامة. هذه هي تطلعات واشتياقات أبرار العهد القديم أن ينزل الله من سماه ويقترب من البشرية، كما يقول إشعياء: «ليتك تشق السماء وتنزل» (إش 64: 1). كذلك هناك آيات كثيرة في المزامير تُعبّر عن الاشتياق إلى الله: «يا الله إلهي أنت. إليك أبكر ، عطشت إليك نفسي، يشتاق إليك جسدي» (مز 63: 1)

في الحقيقة لم تكن هذه الاشتياقات بالشيء الطبيعي أو بالشيء الهين في العهد القديم، لأن هناك مفارقة مهولة بين طبيعة الله القدوس وبين الطبيعة البشرية: طبيعة الله لا نهائية في القداسة والعظمة والقدرة والحب بينما طبيعتنا البشرية الخارجة من التراب والعدم محدودة في كل شيء، بل وفاسدة وساقطة خصوصا من بعد خطية آدم فمن أين لها أن تتَّحد بالرب الإله؟ شيءٌ مستحيل. لذلك قال الرب لموسى: «الإنسان لا يراني ويعيش» (خر 33: 20). أي أن مُحرَّد رؤية الله كانت مُعتبرة كفيلة بأن تُميت الإنسان: «فقال منوح لامرأته: نموت موتا لأننا قد رأينا الله» (قض 13: 22). هذا عن مُجرَّد رؤية الله، وأمَّا التلامس معه فهذا كان مستبعدًا تماما. فبمجرد أن لمس عُزّة تابوت العهد ليسنده، لأن البقر انشمص، وقع ميتا ( 2صم 6: 7). وكما قال الله لموسى: «وإن مست الجبل بهيمة تُرجم أو تُرمى بسهم» (عب 12: 20). 

لذلك فاشتياق البشرية في العهد القديم إلى العريس الإلهي كان لا بد أن يأخذ صورة التمني لتغيير العلاقة بينهما تغييراً جذريًا، صميميًا، فيه تدخل طبيعة الله في علاقة قرابة طبيعية (بل واتحاد) بطبيعة الإنسان. لذلك كانت البشرية تتمنّى بصوت العروس: «ليتك كأخ لي الراضع ثديي أمي». محرَّد تمنيات مستحيلة التحقيق، مجرد أحلام… ولكنها كانت أحلامًا صادرة من قلوب يُحرِّكها الروح القدس بالاشتياق إلى الله. لقد حقق التجسد أحلام رجال العهد القديم أمَّا نحن في العهد الجديد فلم نعد نقول: «ليتك تشق السماء وتنزل» ولا «ليتك كأخ لي»، ولكننا نقول: نشكرك يا رب لأنك طأطأت سمواتك وجئت إلينا. لقد صرت بالفعل أخا لنا، ورضعت ثديي أمّنا العذراء، وتجنَّستَ بجنسنا وصرت بالحقيقة واحدًا من أعضاء العائلة البشرية، وقصدت أن تأخذ رقما في تعداد أغسطس قيصر، حتى يتم إحصاؤك منذ يوم ميلادك ضمن أعضاء العائلة البشرية. فيك اتحدث الطبيعة الإلهية بالطبيعة البشرية، لذلك لن يستطيع أحدٌ فيما بعد أن يمنعني من الاقتراب إليك أو يُخزيني حينما أُقبلك. 

ولكن من هم الذين تقصدهم العروس بقولها «لا يُخزونني»؟ من الذين كان لهم أن يُخزوا الطبيعة البشرية ويمنعوها من الاقتراب إلى الله والالتصاق به؟ 

من جهة، الملائكة الذين كانوا مُكلَّفين بحراسة طريق شجرة الحياة، فقد كان الشاروبيم يقف حارسًا لهذا الطريق بسيفه الناري ليوقف أي متطفل يجرؤ على مجرد الاقتراب !! 

ومن جهةٍ أخرى، كان الشيطان يشتكي علينا، ويُقدِّم ضدَّنا صك خطايانا، ويجاهر بأن طبيعتنا فاسدة خاطئة ومحدودة ولا يحق لها أن تقترب أو تلتصق بالطبيعة اللانهائية، طبيعة الله القدوس. 

معروف أن الشيطان كان حقودًا منذ البدء على بني آدم يحسدهم على النعيم العتيد أن يُعطى لهم، وبالأكثر يحسدهم على نعمة التجشد، التي كان يعرف – كما في لغز – أنها ستعطى للطبيعة البشرية، مع أنها طبيعة أقل وأضعف جدًا الطبيعة الملائكية التي كان الشيطان أصلاً ينتمي إليها. وبسبب حسده وتذمره على هذا التدبير تمرد الشيطان على الله، فصار عدوّا إلى الأبد لله، وعدوا للإنسان، وعدوا فوق كل شيء للمسيح الإله المتجسد. 

«ليتك كأخ لي» 

هل المسيح صار بالفعل أخا لنا؟ 

هناك آيات كثيرة في العهد الجديد تُشير إلى هذه الحقيقة: 

+ «ليكون هو بكرًا بين إخوة كثيرين» (رو 8: 29). 

+ «اذهبي وقولي لإخوتي …» (يو 20: 17). 

+ «كان ينبغي أن يُشبه إخوته في كل شيء» (عب 2: 17).

+ «لأن المقدّس والمقدسين جميعهم من واحد، فلذلك لا يستحي أن يدعوهم إخوة» (عب 2: 11). 

في هذه الآية الأخيرة المقدّس هو الرب يسوع، والمقدسون هم نحن، والآية تشير إلى قول الرب «لأجلهم أقدّس أنا ذاتي ليكونوا هم أيضًا مقدسين في الحق» (يو 17: 19)، وعبارة جميعهم من واحد يُقصد بها جميعهم من آدم . فالمقدس، الذي هو المسيح، جعل نفسه من أبناء آدم وحسب مواطنا أرضيا، وعُضوا في العائلة البشرية، لذلك فالمقدّس والمقدسين جميعهم من العائلة البشرية الواحدة، فهو لهذا السبب لا يستحي من قرابته لهم وأن يدعوهم إخوته. لذلك يقول أيضا

+«أُخبر باسمك إخوتي وفي وسط الكنيسة أُسبِّحُك» (عب 2: 12). 

يهمنا أن نُلاحظ في هذه الآية المقتبسة من المزامير أن بولس الرسول وضعها على فم المسيح. إذا فالمسيح هو الواقف «في وسط الكنيسة» قائدًا بشخصه خورس التسبيح المسيح هو قائد خورسنا الحقيقي، وليس فلان أو علان. 

شهوة المسيح واشتياقه الأعظم أن يقف وسط الكنيسة» ويقود تسبيحنا، ليس على مستوى اللحن والطبقة والصوت، ولكن على مستوى الروح والطبقة الروحية، شهوته أن يجتذب أرواحنا إليه ويُصعدها معه ويُقدِّمها للآب، حسب قوله: «وأنا إن ارتفعتُ عن الأرض أجذب إليَّ الجميع» (يو 12: 32). فشهوة المسيح هي أن يجعل قلوبنا ترتفع لتسبّح معه على مستوى تسبيحه هو للآب (لو 10: 21؛ مت 26: 30، يو 11: 41) 

«الراضع ثديي أمي» 

من ألقاب السيدة العذراء أنها «أم جميع الأحياء»، كما ندعوها في التسبحة، والذي أعطاها هذا اللقب هو المسيح نفسه على الصليب، حينما قال ليوحنا «هوذا أمك» (يو 19: 27) والقديس يوحنا في هذا الموقف كان يُمثلنا جميعا، وعلى هذا الأساس دُعِيَت العذراء «أم جميع الأحياء»، وبالتالي اعتبر المسيح أحًا لنا، راضعًا ثدي أمنا جميعًا. 

وكونه اشترك معنا في الميلاد الطبيعي وفي رضاعة اللبن وهو طفل صغير، إنما يؤكد حقيقة تجسده وحقيقة أخوته الطبيعية لنا، كما يقول ق. أثناسيوس: 

[إن ما وُلد من العذراء بحسب الكتب الإلهية كان جسدا بشريًا طبيعيًا  فقد كان جسد المُخلّص حقيقيًا ومساويًا لأجسادنا تمامًا، لأن مريم كانت أختنا بقدر ما أننا جميعًا من آدم]

رسالة إلى إبيكتيتوس: 7 

[ولأجل ذلك أيضًا دُعِيَ الثديان اللذان رضعهما مُطوَّبَين] (نفس المرجع : 5) 

ولهذا السبب نجد صورة العذراء المُرضعة شائعة في التقليد القبطي القديم كمثل صورة دير باويط وتُدعى عند دارسي الإيقونات Galactotrophousa أي صورة العذراء المُرضعة. 

ونجد تركيزا على هذا المنظر أيضًا في الثيئوتوكيات 

+ [السلام للتي أرضعت الذي يعول كل أحد] (الثلاثاء: 3). 

+ [المُعطي طعامًا لكل جسد من قِبَل رأفاته، أمسك ثدييك وأرضعته اللبن] (الجمعة: 4). 

وذلك لأن هذه الصورة بالذات صورة العذراء المُرضعة، تُبرز الأخوة الكاملة  التي ارتبط بها الرب مع كل إنسان حتى يستطيع أن يُخلّص كل إنسان. 

فلو لم يكن المسيح تجسّد، ولو لم يكن صار أخا لنا ورضع ثدي أمنا العذراء، لما كان ممكنا، ولا في الخيال، أن نقترب إليه ونتَّحد به! فتحشد ابن الله هو الذي حقق اشتياقات البشرية للاتحاد بالله هذه الاشتياقات التي تُعبر عنها آيتنا: «ليتك كأخ لي الراضع ثديي أُمِّي فأجدك في الخارج وأُقبلك ولا يُخزونني» 

نقول في أول ربع من ثيئوتوكية السبت إن العذراء [قدمت لنا الله محمولاً على ذراعيها]. العذراء تُقدِّم لنا الله ” ! وكأنها تقول لنا: “تفضلوا خذوه لكم؛ كل من يشتاق للاتحاد به فليأخذه ببساطة من على ذراعي ! أحلام العهد القديم تحققت بالفعل وصارت حقيقة مُقدَّمة لنا ! 

في ثيئوتوكية الجمعة نقول: 

[لأنه أشرق لنا منكِ شمس البر والشفاء في أجنحتها]. 

«شمس البر» من ألقاب المسيح في العهد القديم: «ولكم أيها المتَّقون اسمي تُشرق شمس البرّ والشفاء في أجنحتها» (مل 4: 2)، وفي مواضع أخرى «الشمس» ترمز للمسيح (مز 19: 4-5) والله (مز 84: 11). 

وفي ثيئوتوكية الخميس نقول: 

[من قبل حواء أغلق باب الفردوس، ومن قبل مريم العذراء فتح لنا مرة أخرى. واستحققنا شجرة الحياة لنأكل منها، التي هي جسد الله ودمه الحقيقيان]. 

تعبير «جسد الله» تعبير جريء وقوي، وهو مثال لما يُسمّيه اللاهوتيون تعبيرات المشاركة في الألقاب، وقد كان القديس كيرلس الكبير أكبر مدافع عن مثل هذه التعبيرات ضد نسطور. فقد كان هذا الأخير يرفضها وأهمها تعبير «والدة الإله»، بل كان يعتبر العذراء فقط والدة المسيح، والدة الإنسان يسوع. ق. كيرلس فقد دافع عن هذا التعبير «الثيئوتوكوس»، واستعمل بكثرة تعبيرات المشاركة في الألقاب مثل «جسد الله»، الأمر الذي رفضه نسطور وأتباعه. فقول ثيئوتوكية الخميس إننا نتناول جسد «الله» هو ميراث مباشر من ق. كيرلس الكبير.

[فمن قبل مريم العذراء – أي من قِبَل تجسد ابن الله منها – استحققنا أن نأكل من شجرة الحياة التي هي «جسد الله» ودمه الحقيقيان]، ذلك لأن الجسد الذي نتناوله هو الجسد الذي «فيه يحل كل ملء اللاهوت جسديًا» (کو 2: 9). 

هناك علاقة وثيقة بين سرّ التجسد وبين الإفخارستيا فتقول صلاة القسمة الخاصة بالقداس الغريغوري: 

[الذي من قِبَل تجسدك غير المُدرَك أعددت لنا خبزًا سمائيًا، جسدك المقدَّس، هذا السرّي والمقدَّس في كل شيء] 

فلولا التجسد لما كانت هناك إفخارستيا. والتجسُّد لم يكن له غاية أعظم من الاتحاد بالله الذي نناله في الإفخارستيا. 

صحيح أن من غايات التجسد الخلاص، وغفران الخطايا، وتجديد طبيعتنا … ، ولكن هذه كلها غايات متوسطة، أما الغاية النهائية للتجسد فهي اتحادنا بالله في الأبدية السعيدة، الذي نأخذ عربونه الآن في الإفخارستيا. لذلك فإن أعظم تمجيد نُقدمه للعذراء هو أنها وَلَدَت لنا ذاك الذي أعطانا جسده ودمه الإلهيين، فحيينا إلى الأبد! 

والآية التي نشرحها الآن، والتي تُعبّر عن اشتياقات أبرار العهد القديم، نقولها الآن بعد التجسُّد في صيغة التحقيق الفعلي: [لقد صرت بالفعل أخا لنا، ورضعت ثدي أمنا العذراء، فصار من حقنا أن نُقبِّلك بل ونتّحد بك فنحيا إلى الأبد!] 

«وأقودك وأدخل بك بيت أمي 

وهي تعلّمني فأسقيك من الخمر الممزوجة، من سلاف رماني» (8: 2) 

أمي هي العذراء، وهي خبيرة في تقديم الحب الإلهي لابنها الحبيب. إنها أكثر مخلوق بشري صار خبيرا في تقديم الحب الإلهي، فنحن نستعين بها ونطلب منها أن تُعلّمنا كيف نُقدِّم للحبيب «من الخمر الممزوجة». 

«من الخمر الممزوجة» 

رأينا عدة آيات منذ بداية النشيد تتكلَّم عن الخمر كرمز للحب الإلهي: 

+ «لأن حبّك أطيب من الخمر» (1: 2) 

+ «نذكر حبك أكثر من الخمر» (1: 4)

+ «أدخلني (الملك) إلي بيت الخمر» (2: 4). 

وعرفنا أن الحب الإلهى يُشبَّه بالخمر لأن مفاعيله الروحية تشبه وتفوق بلا قياس مفاعيل الخمر، فهو يُعطي فرحًا وحرارة روحية وإذا زاد يُوصل إلى السكر بالإلهيات. 

«من الخمر الممزوجة» 

الخمر الممزوجة تُشير إلى مبدأ السينرجيا، أي الترابط والتضافر بين عمل النعمة والجهد البشري. والحب الإلهي يتطلب دائما هذين الشقين، غير أن الشقَّ الإلهي هو الأسبق والأهم، فالمسيح أحبَّنا أولاً ونحن نحبه لأنه هو أحبنا أولاً.

ومنذ بداية نشيد الأنشاد يظهر أن بداية الحب الإلهي لا بد أن تأتي من الله إذ تقول العروس: ليُقبلني بقبلاتٍ من فمه (1: 2) فبداية الحب الإلهي هي قبلة من الله، أي انسكاب محبة الله في قلوبنا بالروح القدس (انظر رو 5: 5). 

والقديس مار إسحق، في صفحة بديعة عن الحب الإلهي، يقول ما ملخصه أن حب الله لا يتأتّى لا من الكتب ولا من مخافة الله ولا من عمل الفضيلة، ولا بأن يغصب الإنسان نفسه ليتصوَّر في نفسه حب الله، ولا ولا … ولا [ولكن هي عطية ينالها الإنسان إذا قَبِل «روح الاستعلانات» ]  (وهذا من ألقاب الروح القدس. انظر أف 1: 17). فالروح القدس هو الذي يبدأ بسكب محبة الله داخل القلوب ثم على الإنسان بعد ذلك أن يتجاوب ويفتح قلبه ويقبل العطية «في قلب جيد صالح ويثمر بالصبر» (لو 8: 15). 

فلا بد من وجود الشقين معًا، النعمة والجهد البشري، النعمة الممزوجة بتجاوب الإنسان، وهذا هو المقصود بـ «الخمر الممزوجة». البداية تأتي من النعمة ولكن لا بد أن يمسك بها الإنسان ولا يرخيها، «وجدتُ من تحبه نفسي، فأمسكته ولم أرخه» (3: 4). على الإنسان أن يمسك بالنار المعطاة له من الرب ولا يتركها تنزع منه، كما يقول أنبا أنطونيوس:

[فلا تدعوا قوة هذه النار تُنزع منكم. لأن حروبًا كثيرة كائنة لكم من الشيطان بسبب هذه النار المُعطاة لكم من الرب، لكي ينزعها منكم. لأنه يعلم أنه لا قوة له عليكم ما دامت هذه النار معكم وفيكم] 

وأخيرًا نسأل أمَّنا العذراء أن تُعلّمنا كيف نُقدِّم كل محبة قلوبنا للرب، كيف نحبه 

من كل كياننا وبكل مشاعرنا وكل قدراتنا. 

نحن اخترنا طريق البتولية، والعذراء خبيرة في هذا الطريق، بل هي فخر البتولية، وأولى العذارى الحكيمات. ندعوها في التسبحة [فرح هابيل الصديق]، معروف أن هابيل كان أول إنسان عاش ومات متبتلاً، أي أنه لم ينجب أولادًا، في حين أن أخاه الشرير كان له أولاد. فكأن هابيل ظل حزينًا إلى أن رأى البتولية تتمجَّد في العذراء وتصير مثمرة ونافعة للبشرية أكثر من إنجاب الأولاد، ففرح وتعزّى قلبه. هكذا نحن أيضا الذين اخترنا طريق البتولية نفرح بأمنا البتول، ونسألها أن تُعلّمنا كيف نعيش البتولية الحقيقية، كيف نلتصق بالمسيح ونقدّم له كل كياننا جسدًا ونفسًا وروحا، كيف نمسكه ولا نرخيه وتلتصق به كل لحظات حياتنا «من التصق بالرب فهو روح واحد» (1کو 6: 17) 

ليست البتولية مجرد عدم الزواج هذا تعريف سلبي ناقص؛ ولكن البتولية الحقيقية هي تكريس كل القلب وكل القدرات العاطفية والنفسية لمحبة الحبيب، الذي هو المسيح. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top