من هي المُشرفة مثل الصباح 

«من هي المُشرفة مثل الصباح جميلة كالقمر، طاهرة كالشمس» (نش 6: 10)

«المشرفة» 

هذه الكلمة تعني «الآتية»، «القادمة»، فالكنيسة في مسيرة مستمرة نحو الله، ليست هي واقفة في وضع جامد إستاتيكي، ولكنها متقدمة باستمرار نحو الله. 

وبولس الرسول يُحدّد أن المسيح هو مصدر حركتها: 

كما أحب المسيح أيضًا الكنيسة وأسلم نفسه من أجلها، 
لكي يُحضرها لنفسه كنيسة مجيدة، 
لا دنس فيها ولا غَضْن أو شيء من مثل ذلك،
بل تكون مقدسةً وبلا عيب» (أف 5: 25-27). 

فالكنيسة في حركة مستمرة نحو المسيح، والمسيح هو الذي «يُحضرها لنفسه». 

«مثل الصباح» 

الصباح هو النور الذي يتبع الظلمة. فهو لم يقل “مثل النهار ، لأن النهار نوز مستمر، بينما الصباح نور يأتي من بعد الظلام «لأنكم كنتم قبلاً ظلمة، وأما الآن فنور في الرب» (أف 5: 8). فالكنيسة هي  جماعة الذين ينتقلون باستمرار من معسكر الظلمة إلى معسكر النور. 

«جميلة كالقمر» 

القمر معروف أنه يعكس نور الشمس والكنيسة كذلك تعكس نور المسيح وحبَّه وتُقدّمه للجميع. العالم لا يحس بمحبة المسيح إلا عن طريق وجه الكنيسة المضيء. الكنيسة ليست جميلة في ذاتها، ولكن جمالها هو من جمال إلهها المنعكس عليها. 

في سفر حزقيال يقول الرب لأورشليم: 

«وخرج لك اسم في الأمم لجمالك، لأنه كان كاملاً ببهائي الذي جعلته عليك، يقول السيد الرب» (حز 16: 14). 

«طاهرة كالشمس» 

المسيح هو «شمس البر» (مل 4: 2)، وقد ظهر على حقيقته يوم التجلّي إذ «أضاء وجهه كالشمس» (مت 17: 2) وهكذا رآه يوحنا في رؤياه: «ووجهه كالشمس وهي تضيء في قوتها» (رؤ 1: 16). ونحن مدعوون لأن نكون مثله «لأننا سنراه كما هو» ( 1يو 3: 2). فعلى قدر ما ننظر إليه «نتغيَّر إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح» (2كو 3: 18). لذلك قال الرب: «حينئذ يضئ الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم» (مت 13: 43). 

«طاهرة كالشمس» 

الطهارة ترادف القداسة. فالكلمة بالقبطية تعني «طاهر» أو «قديس».

وقول الرب في النشيد عن كنيسته إنها «طاهرة كالشمس» يعني أنها مقدسة 

بقدر ما تُشبه عريسها الذي هو «شمس البر»: 

«كونوا قديسين لأني أنا أيضًا قدوس» (1بط 1: 16). 

والمسيح هو الذي يُقدسها: 

«كما أحب المسيح الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها، 
لكي يُقدِّسها، مُطهّرًا إيَّاها بغسل الماء بالكلمة،
لكي يحضرها لنفسه كنيسة مجيدة ، 
لا دنس فيها ولا غضن أو شيء من مثل ذلك؛
بل تكون مقدَّسة، وبلا عيب» (أف 5: 25-27). 

لذلك فقداسة الكنيسة هي  إحدى صفاتها الأساسية الأربعة في قانون الإيمان : نؤمن بكنيسة واحدة، مقدسة، جامعة، رسولية. 

«مُرهبة كجيش بألوية» 

الكنيسة مُرهبة للشيطان. عندما رجع الرسل السبعون بفرح بعد أول إرسالية  لهم، قالوا للمسيح «يا رب حتى الشياطين تخضع لنا باسمك. فقال لهم: رأيتُ الشيطان ساقطًا مثل البرق من السماء. ها أنا أعطيكم سلطانًا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو» (لو 10: 18- 19). هذا الوعد ميراث للكنيسة. ونحن نذكره كل يوم وفي كل مناسبة في آخر صلاة الشكر، ونستمد منه  السلطان أن ندوس على الشيطان وعلى كل قوات العدو. 

وقد سبق الرب في النشيد ومدح عروسه على قوتها الروحية: 

«لقد شبهتُكِ يا حبيبتي بفرس في مركبات فرعون» (1: 9)

ومعروف أن جيش فرعون كان أعظم قوة حربية في العالم القديم، وكانت الفرس أقوى سلاح في هذا الجيش في ذلك الزمان، فالرب يُشبه حبيبته، النفس البشرية، الكنيسة، بأقوى سلاح في أقوى جيش. 

ونحن في العهد الجديد، لنا أسلحة روحية من أقوى ما يمكن: 

«أسلحة محاربتنا ليست جسدية بل قادرة بالله على هدم حصون (2كو 10: 4). نحن إذن أقوياء ضد الشياطين، أقوياء باسم المسيح، وأقوياء بعلامة الصليب. هذا كله ميراث الكنيسة الذي أخذته من الرب، والذي جعلها تستطيع به أن تُخيف الشياطين، أن تكون «مُرهبة كجيش بألوية». يقول ق. بولس: «أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني» (في 4: 13) ويقول ق. يوحنا: «كتبتُ إليكم أيها الأحداث، لأنكم أقوياء… وقد غلبتم الشرير» (1يو 2: 14)، وأيضًا: «وقد غلبتموهم، لأن الذي فيكم أعظم من الذي في العالم » ( 1يو 4: 4 ) . 

«كجيش بألوية» 

كلمة «ألوية» هي جمع لواء، واللواء في الجيش هو إحدى فرقه. والكنيسة بها ألوية كثيرة، كلها «مركَّبة معًا ومقترنة بمؤازرة كل مفصل» (أف 4: 16). هذا الاقتران والتضافر والترابط هو سر قوة الكنيسة روحيًا. وكل فرد في الكنيسة قوي بقوة الكنيسة كلها. 

سر قوة الكنيسة هو سر شركة القديسين. 

مبدأ شركة القديسين هو أن غِنَى الجماعة كلها يكون ملكًا لكل عضو فيها، طالما هو متحد بها. كذلك، فإن غنى كل فرد يكون ملكًا للجماعة كلها. 

يقول الأب متى المسكين في إحدى رسائله الروحية: 

[سلام لك يا أنبا بولا أول المتوحّدين، يا من قضيت تسعين سنة في وحدتك، ثم انتقلت كل خبراتك في ساعة زمن ليرثها أنطونيوس، ليورثها الأجيال الكنيسة كلها]. 

في هذه الرسالة يوضح جيدا كيف أن غِنَى الفرد ينعكس على الكنيسة كلها، وكيف أن كل فرد في الكنيسة يتمتع بقوة الكنيسة كلها. 

أنا في كياني كنيسة أنا في كياني عضو في الجسد، فقوة الجسد كله موجودة سرا في، تنتظر انتباهة مني لألتحم بها وأنتفع قوة ألوف بل ملايين الشهداء والرهبان والقديسين مستعدة أن تساعدني. هذا مبدأ شركة القديسين. وهذه هي الكنيسة 

المُرهبة كجيش بألوية. 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top