مقدمة
تُعد حقبة القرن الرابع من أكثر الحقبات في تاريخ الكنيسة إضطرابا، بسبب اللبس واللغط الذي حدث في التعاليم اللاهوتية، نتيجة لإنتشار الهرطقات واتساعها، وخاصة الأريوسية التي هددت سلام الكنيسة ووحدتها بما كانت تدعو إليه من تعاليم منافية للحقيقة وخارجة علي الإيمان الأرثوذكسي المستقيم الذي إعطاه الرب وكرز به الرسل وحفظه الآباء كما يقول القديس أثناسيوس.والحقيقة أن كل الهرطقات منذ بدايتها وحتى إنقضائها كانت تصب في بوتقة واحدة هي إنكار إلوهية الابن وإلوهية الروح القدس.
هذه التعاليم المنحرفة التي حكم فيها الهراطقة منطق العقل غير الممسوح بالروح، وإبتعدوا بعيدا جدا عن الإيمان الحقيقي الذي يرتفع بالعقل ليرى ما لا يستطيع أن يراه وهو في عزلة عن هذه المسحة الروحية هي التي قادت الهراطقة للسقوط في هوة هذه الأفكار غير المستقيمة والمفاهيم المغلوطة البعيدة كل البعد عن طريق الحق. لكن حين يخضع العقل بإتضاع لعمل الروح، وينال الإستنارة الفائقة لقدراته الطبيعية، حينئذ يمكنه أن يطّلع علي أمور فائقة، وتُستعلن له الحقائق الإلهية الواحدة تلو الأخرى، ويدخل إلي أعماق جديدة يحمله فيها الروح ليكتشف أبعاد الحقيقة الكامنة في سر التدبير الإلهي الذي إستعلن في شخص الكلمة المتجسد. وهو الأمر الذي لم يفعله الهراطقة لقناعتهم بأنهم يمتلكون الحقيقة، وهي قناعة زائفة بطبيعة الحال، لأنها محصورة في أطر عقلية ضيقة ومحدودة، بسبب محدودية قدرات العقل البشري علي إدراك ما هو فوق إمكانياته. لذلك كان لزاماً علي آباء الكنيسة أن يتصدوا لتلك الأفكار الهدامة التي خلقت مناخ من الفوضي في التعاليم وأثارت حالة من الإنقسام داخل
الكنيسة.
ويعد القديس أثناسيوس واحد من أهم أباء الكنيسة، إن لم يكن هو الأهم في تاريخ الكنيسة كله الذي لعب دورًا هامًا ومحوريًا في الدفاع عن الإيمان المستقيم ضد الهراطقة الذين شوهوا صورة التعليم الصحيح، وزرعوا بذور الإنشقاق والإنقسام في الجسد الواحد. فقد واجه هرطقة من أخطر الهرطقات التي ظهرت في تلك الحقبة من تاريخ الكنيسة وهي الهرطقة الأريوسية التي كادت تطفئ شعلة الإيمان في النفوس، وتقسم الجسد الواحد إلي وحدات متفرقة، بعد أن نجحت أن تستميل الكثيرين من القيادات ذات المراتب الرفيعة في الإمبراطورية، بل ومن رجال الأكليروس أيضًا. كل هذا لم يثني القديس أثناسيوس عن موقفه في التصدي لأريوس والأريوسيين، بالرغم من أن العالم كله كان قد تجيّش ضده، إلا أنه أصر علي موقفه وتحدي العالم، ليحفظ وديعة الإيمان التي تسلمها من الاباء الذين سبقوه. ولولا ثباته علي موقفه في مقاومة الأريوسين، لكان إيماننا الآن مغاير لما سلّمه لنا هؤلاء الآباء.
القديس أثناسيوس وصراعه مع الهراطقة
وخلال ٥٠ سنة تقريبًا وهي الفترة الممتدة ما بين إنعقاد مجمع نيقية سنة ٣٢٥م وحتى نياحته سنة ٣٧٣م دخل القديس أثناسيوس في صراعات ومواجهات عنيفة ومستمرة مع الهراطقة، وخاصة مع الأريوسين كما أسلفنا.
حتى أن الشراح للعقيدة يقولون إن تاريخ أثناسيوس يتطابق مع تاريخ العقيدة. وإليه يرجع الفضل في الدفاع عن الإيمان المسيحي المسلم من المسيح والرسل في مواجهة الخطر الوثني اليوناني الكامن في هرطقة .أريوس. وقد أكد القديس أثناسيوس علي أهمية الإيمان في تناول المسائل العقيدية وأن الإيمان فوق العقل، فالإنسان لا يستطيع بالعقل وحده أن يفحص حتى طبيعته البشرية ولا الأمور المادية فحصاً دقيقاً وتاما ، فكيف له أن يفحص الطبيعة الإلهية التي هي فوق الإدراك.
وقد نجح في شرح طبيعة الكلمة وولادته من الآب بصورة دقيقة ووضوح شديد، لم يسبقه إليه أحد، ووضع أسسا ثابته للتعليم اللاهوتي لقرون طويلة بعده ، وأصبح مرجع لكل معاصريه من الآباء، وبطبيعة الحال لكل من آتي بعده.
وهذا واضح من الرسائل الكثيرة التي كتبها ليرد فيها علي الآباء الذين كانوا يرسلون له مذكرات يسألونه فيها عن أمور عقيدية شائكة تكون قد نتجت عن إنحرافات فكرية للهراطقة وخلقت نوعًا من البلبلة في نفوس المؤمنين، مثل الرسائل إلي سرابيون وأذلفيون وأبيكتيتوس ودراكنتيوس وغيرها.
ولذلك يصفه علماء اللاهوت مثل كواستن [بأنه أكثر الشخصيات مهابة وجلالاً وتأثيرًا في كل التاريخ الكنسي. تميز بشجاعة لا تهتز بالترويع، ولم يتردد قط ولم يتراجع في مواجهة الخطر والشدة ولم يخيفه التهديد لذلك كان هو المدافع العظيم عن إيمان مجمع نيقية وعمود الكنيسة كما سماه .ق. غريغوريوس اللاهوتي].
وقال عنه الأب بوييه [إن أثناسيوس هو الذي أمسك بدفة الكنيسة لينقذ تعليمها اللاهوتي من الإنحراف وراء النظريات الفلسفية اليونانية عن اللوغوس إلي الإلتزام بالإمانة المطلقة للوحي الكتابي عن الله].
ويقول عنه المؤرخ المعروف فيليب شاف [ أثناسيوس هو المحور الذي كانت تدور حوله الكنيسة واللاهوت في العصر النيقاوي ولُقب بالكبير أو “العظيم عن جدارة تأكدت بالاضطهادات والآلام التي تحملها سنينا طويلة في مقاومة بدع شنيعة تحصنت أحيانا بسلطان الإمبراطور].
فقد أُبعد عن كرسيه ٥ مرات لمدة ١٧ سنة في المنفي، وهي مدة تقترب من نصف المدة التي قضاها في خدمة الكنيسة. إلا أن كل هذا لم يُزده إلا ثباتًا في الإيمان ومقاومة لإعداء الحقيقة.
إن دعوة أريوس في تلك الفترة قد خلقت حالة من التوتر الشديد ، والجدل المتزايد بسبب تعاليمه التي كانت تُشكك في إلوهية المسيح وبنوته للآب.
والحقيقة أن ظهور أريوس في تلك الفترة تحديدا لم يُمثل مفاجأة تاريخية، بل هو تطور طبيعي للهرطقات السابقة عليه، والأرضية كانت مهيأة في مدينة الأسكندرية لأنها كانت في ذلك الوقت تعج بنشاط فكري وفلسفي كبير وافد عليها من أثينا. وكانت قدرة الشعب علي التحاور والإنشغال بالفلسفات من الأمور المعروفة عن شعب هذه المدينة.
ولو أضفنا إلي هذا أن أعداد كبيرة من الشعب البسيط بسبب تراكم البدع السابقة علي أريوس كانت قد تعرضت لتشويش فكري، وإختلطت عليها الأمور، مما أدي إلي فقدان القدرة علي التمييز الدقيق والصحيح وإهتز إيمانها ولم تعد ترى الأمور على حقيقتها. هذا كله مهد الطريق أمام أريوس وهو المدعوم من الوثنيين لنشر أفكاره بين قطاعات واسعة في كل الأمبراطورية. بالإضافة إلي السمات الشخصية لأريوس ذاته، فقد كان ناسك متقشف، مهيب المنظر، فصيح في لغته شاعر موهوب، صاحب منطق عقلي وقدرة علي الإقناع.
وقد نجح بهذه المواصفات التي كان يحملها في استمالة الأمبراطور والقصر وأطاح بكثير من الأساقفة سواء في الشرق أم في الغرب. وبحسب تقديرات إيبفانيوس أن سته من كهنة الأسكندرية قد إنحازوا إلي أريوس، ولو وضعنا في الإعتبار أن عدد الكهنة آنذاك كان ١٢ كاهن سنة ٣٠٠م بحسب قوله، فهذا وحده يُعد بمثابة تصدّع كبير في كنيسة الأسكندرية. وإن كان العدد قد زاد فيما بعد إلي ١٦ كاهن في أواخر عهد البابا الكسندروس، ثم إلي ۲۲ كاهن في عهد البابا أثناسيوس.
بماذا علم أريوس؟
1- قال إن الإبن مخلوق وكأي مخلوق كان يعتمد علي معونة النعمة وبناء علي ذلك كان من الناحية الطبيعية والأخلاقية قابلا للخطية.
2- إنه خُلق دون نفس بشرية، وحل اللوغوس محل العقل.
3- أريوس يُنزه الله تنزيها كاملاً عن الإتصال بعالم الموجودات المحدود لأنه يري أنه لا توجد خليقة يمكن أن تكون إبنَّا لله بالمعني اللاهوتي الكامل لأنه يرى أنه لا ولادة في جوهر اللاهوت لأن هذا يعني تحطيم الوحدانية في الله وبالتالي تضيف لله صفات الجسدانية والتآلم والتي هي صفات البشرية الخاصة بها وتُخضع الله للعوز وهو القادر علي كل شيء. هذا ما كان أريوس يعلم به ولم يختلف عن الهراطقة الذين سبقوه في النتيجة التي انتهى إليها وهي إنكار ألوهية الإبن.
إنكار الهراطقة بشكل عام وأريوس بشكل خاص عدم وجود نفس بشرية في المسيح يرجع للآتي:
أولاً : لأنهم كانوا يعتبرون أن الشر موجود في المادة وأن الإنسان يجب أن يتحرر من جسده لكي يتطهر ويتقدس.
ثانيًا : يقولون إن العقل هو مصدر الفكر وبناء علي ذلك كيف يمكن للمسيح أن يأخذ نفس إنسانية أهم ما يميزها هو العقل ولا يخطئ مثلنا؟ لأن العقل يُفكر والجسد ينفذ الخطية وبذلك تكتمل الخطية.
والواقع أن أريوس لم يجرد المسيح من ألوهيته فقط بل جرده من إنسانيته أيضًا. لأن هذا المنطق الذي يحمله يقود إلي هذه النتيجة تحديدا لأنه يقول أنه :
1- مخلوق من العدم (أي ليس إله).
2- لا يحمل نفس إنسانية (أي ليس إنسان كامل).
لكنه كان أمام مشكلة التوفيق بين الله المترفع عن المادة وكيفية خلق الله للعالم. فقال : [إن الله خلق وسيط، يتوسط بين الروح الأعظم (الله)، وبين عالم الماديات]. المسيح عند أريوس هو هذه القوة الخالقة والوسيطة، وهو في هذا سابق للأزمنة المخلوقة كلها. وقد سبق أريوس في هذا المبدأ ، الفيلسوف اليهودي (فيلو) في القرن الأول، ثم الغنوسية من بعده.
يقول أريوس أيضاً أن المسيح ليس أزلياً، بل هو أدني من الآب، لأنه مخلوق، غير أنه وحيد ،الجنس، بمعني أنه فريد وسط جنسه. وهذه الفكرة، قد اخذها أريوس أيضًا من بولس الساموساطي.
وقد تصدي القديس أثناسيوس لكل هذه الأفكار المنحرفة، بعد أن كادت الكنيسة كلها أن تصبح أريوسيه. وقد واجه كل هذا كالصخرة الثابتة أمام الأمواج العاتية، بالرغم من أنه بقي في الميدان وحده.
لكن ما ينبغي الإشارة إليه هنا هو أن آباء ما قبل نيقية قد اكدوا علي إتحاد اللاهوت بالناسوت إتحادًا كاملاً وتاما، وأن ناسوت المسيح كان جسداً ونفسا كما يقول القديس يوستينوس علي سبيل المثال. أيضًا أكد العلامة أوريجينوس علي إتحاد اللوغوس بجسد بشري ذو نفس بشرية كاملة. فهو الذي إستخدم لفظة الإله المتأنس، وهو أول من شرح هذا الإتحاد : بمثل إتحاد الحديد والنار معاً[1].
وبحسب القديس أيريناؤس إيماننا قائم علي أن المسيح:
1-هو إله وإنسان في نفس الوقت.
2- وأن إبن الله الكلمة المتجسد الذي به صنع كل شيء، والذي صار إنسان في ملء الزمان، وأصبح منظورًا وملموسا ، هذا قد جاء:
+ لكي يهدم الموت.
+ يعطي الحياة.
+ يصالح الإنسان بالله.
وهو نفس الإطار الذي يتحرك فيه القديس أثناسيوس، فقد علم بأن تجسد الكلمة قد حقق ثلاثة أمور:
1- تجديد الطبيعة الإنسانية.
2- رفع حكم الموت.
3- المصالحة مع الله.
أما القديس ديونيسيوس الأسكندري الذي رسم بطريركا سنة ٢٤٧م ، والذي تنيح سنة ٢٦٥م فيقول [لم يكن هناك وقت لم يكن فيه الله أبا ، وبالتالي لم يكن هناك وقتًا لم يكن فيه الإبن إبنا ، لأن الإبن مولود من الآب، وبما أن الإبن هو بهاء النور الإزلي فهو أزلي أيضًا كالنور لأن النور يُعرف من حقيقة كونه يُضيء، ويستحيل وجود نور لا يضيء، هكذا فإن شعاع الله الإزلي يُضيء أزليًا، وهو كائن معه بلا بداية، ومولود دائمًا منه فهو نور من نور]. وهذه العبارة الأخيرة هي التي إستخدمها مجمع نيقية. أي بعد أكثر من نصف قرن تقريبًا، للتعبير عن أن ولادة الإبن من الآب قبل كل الدهور، هي كخروج النور من النور.
وهذا يعني بما لا يدع مجالاً للشك أن القديس أثناسيوس في دفاعه البطولي عن طبيعة المسيح، كان مطلعا علي كتابات الآباء الذي سبقوه، وإستخدم بعض عبارتهم وهو بصدد صياغة المفاهيم العقيدية المستقيمة وهذا واضح في رسالته عن تعاليم ديونيسيوس الأسكندري، الذي قدم شرح لطبيعة المسيح، وميز بين اللاهوت والناسوت، مع تأكيده علي وحدة شخص المسيح. يقول القديس أثناسيوس [ الكلمات التي إستخدمها عن لاهوت الكلمة الذي تجسد من العذراء، وكذلك المستعملة عن صيرورته إنسانًا ، إنما تشير إلي شخص واحد، لكنه يميز بين الأثنين بمهارة، ويسير في طريق التقوي بإستقامه، ولذلك فحينما يتحدث عن البكاء، يعرف أن الرب إذ قد صار إنسانًا أظهر بشريته بالبكاء، وفي نفس الوقت كإله أقام لعازر من الموت، ويعرف أنه كان يجوع ويعطش طبيعيًا (كإنسان)، ولكنه أطعم آلاف الأشخاص من ٥ خبزات، ويعرف أنه بينما كان يوجد جسد بشري في القبر، فإن هذا الجسد أقيم بقوة الكلمة نفسه].
وقد اتبع القديس أثناسيوس هذا المنهج الآبائي في شرحه لطبيعة المسيح. فيقول [لكان مستحيلاً عندما تأنس الرب (أي صار أنسانا)، من أجلنا، أن يكون جسده بدون قوة نفسية عاقلة، وما كان ممكنا أن يتم الخلاص بواسطة الكلمة نفسه، ويكون خلاصا للجسد فقط، بل خلاصًا للنفس أيضًا]. وهكذا جاءت ردوده حاسمة وقاطعة وغير قابلة للتأويل
وفي رده علي أن المسيح ليس هو إبن الله الحقيقي المساو في الجوهر، بل إبن تبناه الله، يقول القديس أثناسيوس [لإن الآب لا يُسمي آب إلا إذا كان إسم الإبن قائما معه دائما أبدا وعلي نفس المستوي في كل شيء. فالإبن هو مثل الآب ومن ذات الآب كما يمكن أن يفهم المرء أن أي إبن هو من أبيه ، وكما يمكن أن يري أن الشعاع هو من الشمس].
وردًا علي فكرة عدم وجود نفس بشرية في المسيح لأن وجود العقل يؤدي إلي الخطية، يقول القديس أثناسيوس. [ إن التفكير في الخطية، والصراع الداخلي الذي فينا هو من إختراعنا نحن ومن شرور نبتت من غواية الشيطان الذي علّمنا كيف تعصي الله، وزرع هذه الغواية في طبيعتنا. أما في حالة الرب المتجسد ، فلا يوجد فيه صراع داخلي بسبب إتحاد اللاهوت بالناسوت].
والحقيقة التي لا تقبل الجدال إن إنكار وجود نفس بشرية في المسيح يؤدي إلي هدم الخلاص من أساسه أي عدم خلاص النفس الإنسانية لكل البشر ، هكذا يقول القديس أثناسيوس. ولذلك فقد أكد على أن إشتراك الله الكلمة في طبيعتنا هو إشتراك حقيقي، وهدف هذا الإشتراك أن ينقل لنا الابن الكلمة، حياته وقداسته وقيامته. وهذا هو ثمار الإتحاد بين اللاهوت الكامل، والناسوت الكامل. وهذا ما قاله القديس إيريناؤس أيضًا : [ الله جمّع في نفسه صورة الإنسان القديم، لكي يقتل الخطية، ويجرد الموت، ويحي الإنسان].
ويؤكد القديس أثناسيوس أيضًا علي أن نزول المسيح إلي الجحيم، يُعد من الأدلة علي وجود نفس بشرية في المسيح الأن الجحيم لم يكن يستطيع أن يحتمل ظهور اللاهوت، وهذا معناه نزول الكلمة إلي الجحيم بواسطة نفس إنسانية، متحدة بلاهوت الكلمة، للقضاء على سلطان الموت، وتحرير النفوس الإنسانية من سلطان الموت وقدرة الهاوية.
- Origen de princip,11,6,3 Beth Bak, P.150.